الوصول الشامل
تفتقر المرافق والمنشآت كالإدارات الحكومية والمدارس والجامعات والمستشفيات والمساجد والمطارات والمجمعات التجارية ووسائل النقل والمواصلات للتسهيلات التي تمكن ذوي الاحتياجات الخاصة من الوصول إلى كل المرافق العامة والخاصة، وتتيح لهم ممارسة حياتهم الطبيعية دون أ في الحياة يمكن أن تصيب أي فرد دون اي قيود أو عراقيل. وكون الإعاقة واقعا تمييز فيجب أن توضع في الاعتبار في كل ما يتم تصميمه وإنتاجه إلا أنه لا ينظر إلى الأشخاص ذوي الإعاقة باعتبارهم أعضاء محتملين في المجتمع، فإدراك هذه الإعاقة والخوف منها والأفكار الخاطئة المحيطة بها والتحامل على المعوقين ما زالت من العوامل التي تعوق فهم الأشخاص وقبولهم ذوي الإعاقة في المجتمع ككل وأماكن العمل والتعليم بالأخص. ويوجد في كل مجتمع من المجتمعات فئة خاصة تتطلب تكيفا خاصا مع البيئة التي يعيشون فيها، وهذا التكيف لا يأتي من قبلهم فقط بل يقع على من يحيطون بهم بتوجيه الاهتمام لهم مثلهم مثل أي شخص يمارس حياته. والعوامل المسببة للإعاقة كثيرة ومتعددة وذات مراحل مختلفة، منها ما هو
مكتسب بسبب أمراض عضوية أو معدية أو أثناء الحمل أو أثناء الولادة، ومنها إعاقات أخرى ناتجة عن الحوادث المرورية، أو حوادث المنزل أو العمل. ويذكر أن هناك كثيرا من الإعاقات الخلقية والوراثية التي تجهل أسبابها رغم التطور الذي حدث في علم المورثات، ومن ناحية أخرى لا تعرف الإعاقة أي حدود اجتماعية أو اقتصادية فقد تصيب أي شخص وبنسب متساوية . إن الأفكار الخاطئة المتعلقة بهذا الأمر كثيرة، ومنها أن الأشخاص ذوي الإعاقة لا يستطيعون التعلم والعمل أو تأدية المشاعر الدينية، وأن قبول شخص معوق في المدارس أو العمل أو الدوائر الحكومية أو الأماكن العامة من حدائق وأماكن ترفيه يعد أمرا مكلفا، والحقيقة هي أن الأشخاص ذوي الإعاقة يتفاعلون مع البيئة المدنية كما يتفاعل معها أي شخص. من هذا المنطلق ومن أجل تفعيل نظام رعاية المعوقين الذي أعده مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة وصدر به مرسوم ملكي في عام 1430 ، وإثراء مواده التي تنص على ضمان حقوق المعوقين وواجباتهم وتحقيق المشاركة الكاملة في التنمية على قدم المساواة مع الآخرين والعيش بكرامة
والاستفادة من قدراتهم واندماجهم الكامل في معترك الحياة، ومن أجل تحويل مواد هذا النظام إلى واقع ملموس، بادر مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة إلى إطلاق برنامج سهولة الوصولالشامل والذي يهدف إلى إعداد الأطر العلمية وإقرا ر المعايير التصميمية للمنشآت العامة والمرافق والطرق ووسائل النقل والمواصلات، ووضع الأسس لبيئة ملائمة خالية من العوائق وفقا للمعايير الدولية، وذلك بالاستعانة بعدد من المنظمات الدولية وعدد من الاستشاريين في هذا المجال . ومما يدعو للتفاؤل هو حرص عدد من الجهات الحكومية واهتمامها بدعم هذا البرنامج الحيوي والمشاركة الفاعلة في إنجاحه، وانطلاقا من مسؤولياتها الاجتماعية تجاه هذه الفئات وتجسد ذلك في اتفاقيات التعاون التي أبرمها المركز مع كل وزارة النقل وأمانة منطقة الرياض والسعي
الحثيث إلى إبرام اتفاقيات مماثلة للغرض نفسه مع وزارة الشؤون البلدية والقروية وهيئة السياحة وأمانات مناطق المملكة. وفي خطوة ريادية غير مسبوقة يبذل المركز حاليا جهودا من أجل جعل مدينة الرياض خالية من العوائق وخلق بيئة مجتمعة صديقة تستطيع أن تستقطب الجميع من ذوي الإعاقة وغيرهم. وبالنظر إلى الخصوصية التي تتمتع بها مكة المكرمة والمدينة
المنورة والمشاعر المقدسة، وباعتبارها تستقبل أعدادا كبيرة من الحجاج والمعتمرين والزوار قادمين من داخل المملكة وخارجها، فقد عقد المركز سلسلة من الاجتماعات مع هيئة تطويرمكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة أسفرت عن تكوين فريق عمل للقيام بعمل رصدحقيقي لمعرفة المشكلات والعوائق والجوانب السلبية التي توجه الحجاج والمعتمرين والزوار منذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن خصوصا في مجال النقل والإسكان وأداء النسك وتقديم تصور متكامل لجعل المشاعر المقدسة نموذجا للوصول الشامل الذي يتيح للجميع فرصة أداء مناسكهم بكل يسر وسهولة وأمن وأمان، وذلك وصولا لجعل المملكة نموذجا للوصول الشاملعلى مستوى المملكة. إن سهولة الوصول الشامل تعني ببساطة تصميم منتجات ومبانيومساحات خارجية يمكن استخدامها من قبل جميع الأشخاص إلى أقص ى حد ممكن، كما أن هذا الأمر يتضمن تصميم تقنية ومعلومات وبيئة تواصل بجانب تقديم البرامج والخدمات والأنشطة، يتمثل المبدأ الأساسي لسهولة الوصول الشامل في مفهوم التصميم الشامل، أي تكامل سمات سهولة الوصول داخل البيئة الإنشائية بالمجتمع “الصناعي الاجتماعي الحكومي”
في مرحلة التخطيط مع الاهتمام بجميع المستفيدين بصرف النظر عن إعاقاتهم البدنية وليس مجرد فكرة يمكن أن تخطر على البال في وقت لاحق أو كتحديث لفكرة ما. إن التصميمات المعتمدة على افتراض “عدم وجود سوق ” غاليا ما تصبح تنبؤا محققا، حيث أصبح الأشخاص ذوي الإعاقة غير قادرين على الوصول إلى الأماكن العامة والمساجد والدوائر الحكومية وغيرها
من عناصر البيئة المدنية، ويتضح أن مواقف السيارات والممرات والمداخل والمصاعد والهواتف وصنابير شرب المياه والأبواب ودورات المياه والمطابخ غير المصممة على النحو الصحيح لا تأخذ في حسابها الأشخاص ذوي ا لإعاقة بل ومن الممكن أن تعيقهم وتعرض حياتهم للخطر. حيث يوفر التصميم الذي يتيح سهولة الوصول المرونة لمستخدميه ومن ثم يزيد أو يدعم السوق ومن الممكن أن يحسن من هامش الربح الخاص للعميل .
منقول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق